تشريعيات 2017 … الإختبار الصعب للإسلاميين
تخوض الأحزاب الإسلامية غمار الإنتخابات التشريعية المقررة ليوم الرابع من مايو القادم ، وسط توجس أنصار التيار الإسلامي ، من أن يشكل هذ الموعد الإنتخابي » نكسة » جديدة ، تزيد من حجم تراجع الإسلاميين على الساحة السياسية ، و هو الخطر الذي تكون قد استشعرته الأحزاب الإسلامية ، فبادرت إلى التحالف فيما بينها ،علها تتفادى أية مفاجأة غير سارة ، قد تعصف بما تبقى من قواعد البيت الإسلامي و إن هللت الأحزاب الإسلامية لخيار التكتلات ، و اعتبرته مكسبا هاما ، إلا أن الكثير من المراقبين يرون أن عجز الإسلاميين عن تشكيل تحالف موحد يجمع كافة فصائلهم ، و دخولهم المعركة الإنتخابية بتحالفين إثنين : » التحالف من أجل النهضة و العدالة و البناء » و » تحالف حركة مجتمع السلم » ( تحالف حمس و جبهة التغيير ) ، علاوة عن مشاركة » حركة الإصلاح الوطني » بمفردها في الإنتخابات ، من شأنه أن يؤدي إلى تشتت الوعاء الإنتخابي للإسلاميين ، و يرهن حظوظهم في احتلال مراتب ريادية ، داخل قبة البرلمان
كما تشير بعض القراءات أيضا إلى أن الأحزاب الإسلامية التي تمثل أضلاع هذه التحالفات ، هي في الأصل أحزاب ضعيفة من حيث التمثيل الشعبي ، و هذا ما عكسته نتائج التشريعيات الماضية ، فمثلا » جبهة العدالة و التنمية » التي يرأسها الشيخ : عبد الله جاب الله لم تحصل سوى على سبعة مقاعد ، في حين تمكنت » جبهة التغيير » برئاسة الدكتور : عبد المجيد مناصرة من حصد ثلاثة مقاعد فقط ، ليتضح بذلك أن » حركة مجتمع السلم » تشكل الحلقة الأقوى داخل البيت الإسلامي ، رغم الإنقسامات التي عرفتها عقب رحيل مؤسسها الشيخ : محفوظ نحناح و إن استطعت حمس أن تقود قاطرة الأحزاب الإسلامية خلال العشرية الماضية ، إلا وجدت نفسها هذه المرة في مواجهة تحديات جديدة ، بفعل انتقالها إلى معسكر المعارضة ، ما دفعها في الوقت الراهن إلى مراجعة حساباتها ، من محاولتها التقرب من السلطة مجددا ، و هذا ما يعكسه تلويحها بإمكانية المشاركة في الحكومة القادمة ، إلا أن تخندقها في صف جماعة مازفران ، خطوة من الصعب جبرها في نظر أصحاب الخيار التشاركي داخل حمس ، لذلك لم يجد رئيسها عبد الرزاق مقري من سبيل لتقوية شوكة الحركة ، سوى التحالف مع » جبهة التغيير » ، في مبادرة من شأنها إحتواء موجة المعارضة داخل البيت الحمسي ، و تفادي بعض القلاقل ، التي قد تعكر صفو الأجواء الإنتخابية داخل الحركة
أما فيما يتعلق بباقي الفصائل الإسلامية التي تشكل أقطاب » الإتحاد من أجل النهضة و العدالة و البناء » ، و إن أحاطت تحالفها بهالة إعلامية كبيرة ، إلا أن واقعها التنظيمي و التمثيلي ، لا ينبأ بقدرتها على فرض نفسها كرقم مهم في اللعبة الإنتخابية ، بالرغم من التفاؤل الكبير الذي يبديه قادة هذا التحالف في تصريحاتهم الصحفية ، إلى درجة تأكيدهم أن » التحالف من أجل النهضة و العدالة و البناء » ، لن ينزل عن المرتبة الثانية في نتائج التشريعيات
أما حركة الإصلاح الوطني التي مثلت في وقت من الأوقات أول قوة سياسية داخل التيار الإسلامي ، فهي اليوم تعاني من ضعف كبير في أداءها السياسي ، و تهلهل في صفوفها ، ما جعل قيادتها تتبنى خطابا جديدا يدعو إلى » تحقيق التوافق بين التيار الإسلامي و الوطني » ، فهذا هو شاغلها الشاغل في الظرف الراهن بحسب رئيسها الأستاذ » فيلالي غويني » ، و أن نتائج الإنتخابات لا تهمها بقدر ما يهمها تحقيق هذا المبتغى
كما أن التغيرات الإقليمية و العربية ، التي عصفت بحكم الإسلاميين في عدد من دول » الربيع العربي » ، نتيجة ما بات يعرف ب » الثورات المضادة » ، سيكون له دون شك انعكاساته السلبية على الإسلاميين في الجزائر ، الذين ينهل معظمهم من مدرسة الإخوانية … و بالتالي فإن الأحزاب الإسلامية ستخوض معركة التشريعيات الحالية في ظل مناخ يختلف تماما عن سابقتها عام 2012 ، حين استغلت النجاحات التي حققها الإسلاميون في بعض الدول العربية ، كداعم معنوي لها في معركتها الإنتخابية آنذاك
و مما سبق ذكره يتضح جليا أن الأحزاب الإسلامية توجد أمام اختبار صعب في انتخابات الرابع من مايو القادم ، فهل سيكرم الإسلاميون أم يهانون في هذا الإمتحان ؟؟؟ … يبقى الصندوق هو وحده الكفيل بالإجابة عن هذا السؤال
فهد بوعريوة