تشريعيات 2017 … الإسلاميون في مهب الريح
» سنصل إلى الحكم في 2017 » عبارة أطلقها الدكتور : عبد الرزاق مقري قبل خمس سنوات ، أثبتت تشريعيات الرابع من مايو الماضي ، أنها مجرد أمنية لم تتحقق على أرض الواقع ، بل أن هذا الموعد الإنتخابي ، كشف عن تراجع » رهيب » للإسلاميين على الساحة السياسية ، خاصة و أن حصاد التيار الإسلامي في هذه الإنتخابات النيابية لم يتعدى سقف ال 50 مقعدا ، رغم لجوء » فرقاء » الأحزاب الإسلامية ، إلى تشكيل تحالفات لخوض المعترك الإنتخابي
إن التكتلات الإسلامية التي برزت إلى الساحة مع هذه التشريعيات ، و ما صاحبها من هالة إعلامية أوحت للرأي العام بأن الإسلاميين سيكتسحون صناديق الإقتراع ، و أنهم سيحصلون على عدد معتبر من مقاعد البرلمان ، وفق ما أشارت إليه تقارير وسائل الإعلام المحلية و الأجنبية ، غير أن الحصاد الهزيل للإسلاميين في هذا الموعد الإنتخابي ، أكد للمراقبين أن الخطاب » الإسلامي » لم يعد يستقطب الشارع الجزائري ، خاصة و أنه اتسم هذه المرة بالكثير من » الشعبوية » ، حتى و إن حاول قادة التحالفات الإسلامية اللعب على وتر القضايا الإجتماعية ، لكنهم لم يفلحوا في ذلك ، إلى درجة أنها أصواتهم تراجعت حتى في الأحياء الشعبية ، التي تمثل أكبر معاقل التيار الإسلامي
كما أن فشل المحاولات التي قادها بعض من يسمون ب » عقلاء » التيار الإسلامي ، في تشكيل تكتل موحد لخوض غمار انتخابات الرابع من مايو الماضي ، جعل الوعاء الإنتخابي للإسلاميين يتشتت أكثر ، بل أن الحرب الصامتة التي دارت رحاها أثناء الحملة الإنتخابية بين التحالفين الإسلاميين ( تحالف حركة مجتمع السلم و الإتحاد من أجل النهضة و العدالة و البناء ) ، جعلت جزء من التيار الإسلامي يختار البقاء في المنطقة الرمادية كما تسمى ، ما أدى إلى خسران الكثير من الأصوات ، كان الإسلاميون في أمس الحاجة إليها ، لتقوية شوكتهم في المعركة الإنتخابية
من جهتهم يتحمل قادة التيار الإسلامي جزءا من المسؤولية في تراجع حصة الإسلاميين من المقاعد في هذه التشريعيات ، بسبب تصريحاتهم المتناقضة في بعض الأحيان ، و التي جلبت لهم الكثير من الإنتقادات ، خاصة على منصات التواصل الإجتماعي ، ما أدى إلى تزعزع صورتهم في الأوساط الشعبية ، كما أن تخندق بعض الأحزاب الإسلامية في صف المعارضة ، و نخص بالذكر » حركة مجتمع السلم » ، أدى إلى تأزم العلاقة بينها و بين بعض دوائر صنع القرار في البلاد ، و بالتالي فقدانها لبعض المواقع ، ما أثر على مكانتها في الخارطة السياسية الجديدة ، رغم بقائها كأول قوة داخل التيار الإسلامي
كما أن الطريقة الحالية التي تعتمدها الأحزاب الإسلامية في تسيير شؤونها ، أصبحت برأي الكثير من المختصين و المتابعين ، لا تتماشى و تحديات المرحلة ، فالإسلاميون أصبحوا لا يختلفون كثيرا عن أحزاب السلطة ، بسبب بقاء » مشيختهم » حجر عثرة في وجه بروز قيادات شبانية ، بإمكانها ضخ دم جديد في روح الفصائل الإسلامية ، و نقلها إلى مرحلة جديدة من العمل السياسي ، تجعلها بمنأى عن تقلبات الدهر ، و تجبنها انتكاسات أخرى مستقبلا
من جانبها لعبت التطورات الإقليمية و الدولية الراهنة دورا في تراجع الإسلاميين في الجزائر ، لكن ليس بالقدر ، الذي يجعل منها التيار الإسلامي شماعة يعلق عليها تقهقره في هذه التشريعيات ، فما يسمى بالثورات المضادة التي عرفتها بعض دول الربيع العربي ، التي تولى فيها الإسلاميون شؤون الحكم ، كان لها تأثيرها السلبي من الناحية المعنوية ، على قوة الإسلاميين في خوضهم لغمار الإنتخابات النيابية ، على عكس الصورة التي ظهر بها » تكتل الجزائر الخضراء » ، و غيره من الأحزاب الإسلامية في تشريعيات 2012
و في ظل هذا الواقع يبقى من الصعب على الأحزاب الإسلامية استعادة مكانتها على الساحة السياسية ، و جعل صوتها قويا و مسموعا بالأخص داخل الهيئة التشريعية ، كما كان الحال مع العهدات البرلمانية السابقة ، فالإسلاميون مطالبون في المرحلة الراهنة ، بالإدراك الجيد للشعار المعروف » تجدد أو تبدد » …
فهد بوعريوة